"الـفـنـون الـشعـبـيـة"... "امـرأة" فـي الثلاثينيات ... تثير الإعجاب والجدل

"الـفـنـون الـشعـبـيـة"... "امـرأة" فـي الثلاثينيات ... تثير الإعجاب والجدل

كتبت نائلة خليل:

أربعة وثلاثون عاما من الرقص والتحليق.. هذا هو عمر فرقة الفنون الشعبية، التي احتفلت بعيدها في عرض راقص، أول من أمس، في قصر رام الله الثقافي، معلنة أنها تحمل روحا أنثوية لامرأة في "منتصف الثلاثينيات ما زالت بكامل رونقها"، وأن رحلتها مع الرقص تتواصل مع براعمها، "فالسنوات تزيد من ألق التجربة ونضجها وتتواصل مع الأبناء".

قدمت الفرقة لوحات راقصة مختارة تجمع بين الفلكلوري والمعاصر، حيث كانت النكهات تختلف بين لوحة وأخرى، فما بين لوحات راقصة يحفظها الجمهور عن ظهر قلب، وربما يأتي البعض إلى العرض من أجل رؤيتها مثل "يا أبو قذيلة منثورة" و"هزي القمح"، الى رقص معاصر أوممسرح دخل مدرسة الفنون الشعبية في السنوات الماضية مغسولا بروح التراث، رقصات أشعلت المسرح ببراعتها وروحها التي تجمح نحو السماء، تزيدها الموسيقى والأزياء المدروسة بعناية، والمؤثرات الصوتية جمالا وإثارة، فعرض الفنون ليس حدثا عاديا لعشاق الفرقة الذين يحضرون من مختلف المدن الفلسطينية.
لكن الجديد عند جمهور الفنون هو الرقصات التعبيرية وبعض الأغاني التي جاءت بلهجة لبنانية والتي أثارت نقاشا بين جزء من جمهور الفنون بعد العرض، فما اعتبره البعض اشتباكا مع مدارس فنية عالمية ومحاولات جادة للإبتكار والتجديد، رأى فيه البعض الآخر إبتعاداً عن روح الفنون وهويتها؛ أي" فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية"، وحتى اللهجة اللبنانية لم تبد مستساغة لديهم ولو من باب التنويع. 
فإثارة حالة من الجدل كما الإعجاب أيضًا، تبدو أمرًا مفروغًا منه عند الحديث عن الفن، سيما إذا كان لهذا الفن عشاقه ومريدوه الذين يعتبرون أنفسهم جزءا من الفنون، وليس مجرد جمهور يأتي بغرض الفرجة فقط.

أحد الحاضرين قال:" عندما تقول الفرقة أن هذا العرض بمناسبة بلوغها عاما 34 هذا يعني أننا حضرنا هنا لنرى لوحات فنية تراثية عودتنا عليها الفنون خلال الثلاثة عقود الماضية".
ويتابع:" لا أعرف لماذا أختاروا أن يبدؤوا العرض بلوحات رقص تعبيري، كنت أنتظر لوحة إفتتاح فلسطينية بإمتياز وليس تعبيري من الممكن أن أراه في أي عرض آخر وليس في عرض الفنون".
لكن إحدى عاشقات الفرقة والملتزمة بحضور حفلاتها منذ أكثر من 20 عاما قالت: "لماذا يجب أن نتوقع أن تبقى الفنون الشعبية تحوم في الدائرة ذاتها، اللوحات التعبيرية أو المعاصرة تعبر عن أن الفرقة تواكب الإتجاهات الفنية الحديثة".
"شهد" التي حضرت امس مع عائلتها قالت:" الفرقة طرحت نفسها منذ البداية أنها فرقة الفن الشعبي، واليوم عليهم أن يوضحوا أنهم على مفترق طرق أو خليط، ما بين لوحات تراثية وأخرى عصرية، أي عليهم أن يقولوا لنا أن ما نراه اليوم ليس بالضرورة تراثا، وإنما تعبير لإنعكاس التراث علينا وكيف بتنا نراه".


فرصة أمام التجريب
وربما كان هذا الجدل متوقعًا لدى الفرقة، حيث يقول خالد قطامش أحد مؤسسيها وراقص فرقة الفنون الشعبية: "تتيح الفرقة فرصة كبيرة امام البراعم الذين قدموا غالبية عروض اليوم فرصة كبيرة أمام الإبتكار والتجريب، وهناك العديد من الرقصات من تصميم شبان وفتيات في العشرينيات، لذلك ليس غريبًا أن يكون هناك تنوع في العرض الواحد".
وصمم البراعم لوحات راقصة من وحي "الربيع العربي"، مثل اللوحة التي بدأت "إذا راح الملك بيجي ملك غيره، وإذا راح الوطن ما في وطن غيره" وغيرها من الرقصات، لكن بعض النقد وجه لإستخدام اللهجة اللبنانية في العرض الذي بدا في بعض لوحاته متأثرا بفرقة "كركلا اللبنانية".
ويقول أحد مشاهدي العرض الذي رفض ذكر اسمه: "لدينا لهجات فلسطينية غنية جدًا، ولا أعتقد أن اللهجة اللبنانية كانت إضافة نوعية".
وتابع: "الفن هو انعكاس للواقع، كل المشتغلين بالحالة الفنية يقدمون الواقع الذي ينتمون له بطرقهم الخاصة، ونحن لم ننته من مرحلة المقاومة وصراعنا من أجل الهوية الفلسطينية، لنقدم لهجات الآخرين ونستوحي من أعمالهم، لأننا ببساطة لم نستنفد تراثنا بعد".


روح تجدد
وتقول سهى البرغوثي إحدى مؤسّسات الفرقة، والتي تعتبر من الجيل الأول فيها: "هناك روح تجدد في الفنون الشعبية، وما يضمن هذا التجدد هو أنحيازنا الكامل للهموم العامة والقضايا الوطنية، وإيماننا بروح الشباب، حيث يمثل براعم الفنون إستمرارا لروح العمل التطوعي الذي تمأسس في المجتمع الفلسطيني".
وتتابع: "الفنون واكبت كل روح التطور في الساحة الفلسطية من 34 سنة، الإنتفاضة الأولى والثانية والإنتكاسات والانتصارات الصغيرة، ودوما كانت مؤثرة وتتأثر في الواقع الفلسطيني، ولا زال حس التطوع والنضال الإحترافي الفني في خدمة القضية الفلسطينية يمثل هاجس كل جيل فيها.